جاء في السير ..
أنه كان في البصرة نساء عابدات ..
وكانت منهنَّ أم إبراهيم الهاشمية ..
فأغار العدو على ثغر من ثغور المسلمين فانتُدب الناس للجهاد ..
فقام عبد الواحد بن زيد البصري في الناس خطيباً فحضهم على الجهاد ..
كانت أم إبراهيم هذه حاضرة في مجلسه ..
وتمادى عبد الواحد في كلامه ..
ثم وصف الحور العين وذكر ما قيل فيهنَّ وأنشد في صفة حوارء ..
غادةٌ ذات دلال ومرح
خُلقت من كل شيء حسن
زانها الله بوجه جمعت
وبعين كحلها من غنجها
ناعم تجري على صفحته
يجد الناعت فيها ما اقترح
طيب فالليت فيها مطّرح
فيه أوصاف غريبات المُلح
وبخد مسكه فيه رشح
نظرة الملك ولألاء الفرح
فهاج المجلس وماج الناس بعضهم في بعض واضطربوا ..
فوثبت أم إبراهيم من وسط الناس وقالت لعبد الواحد :
يا أبا عبيد ألست تعرف ولدي إبراهيم ورؤساء أهل البلد يخطبونه على بناتهم وأنا أضنّ به عليهم ..
فلقد والله أعجبتني هذه الجارية ..
وأنا أرضاها عروساً لولدي ..
فكرر ما ذكرت من حسنها وجمالها ..
فأخذ عبد الواحد في وصف الحوراء فأنشد ..
تولد نور النور من نور وجهها
فلو وطأت بالنعل منها على الحصى
ولو شئت عقد الخصر منها عقدته
ولو تفلت في البحر شهد رطابها
فمازج طيب الطيب من خالص العطر
لأعشبت الأقطار من غير ما قطر
كغصن من الريحان ذو ورق خضر
لطاب لأهل البرّ شرب من البحر
فاضطرب الناس أكثر مما اضطربوا ..
فوثبت أم إبراهيم وقالت لعبد الواحد :
يا أبا عبيد قد والله أعجبتني هذه الجارية ..
وأنا أرضاها عروساً لولدي ..
فهل لك أن تزوجه منها وتأخذ مهرها عشرة آلاف دينار ..
ويخرج معك إبراهيم في هذه الغزوة ..
فلعل الله يرزقه الشهادة فيكون شفيعاً لي ولأبيه يوم القيامة ..
فقال لها عبد الواحد :
لئن فعلت _ والله _ لتفوزنّ أنت وولدك وأبو ولدك ..
والله لتفوزنّ فوزاً عظيماً ..
فنادت ولدها : يا إبراهيم ..
فوثب من وسط الناس وقال لها :
لبيك يا أماه ..
فقالت : أي بني أرضيت بهذه الجارية زوجة لك ببذل مهجتك في سبيل الله وترك العود في الذنوب ..
فقال الفتى : أي والله ..أي والله يا أماه رضيت أي رضاً ..
فقالت : اللهم إني أشهدك أني زوجت ولدي هذا من هذه الجارية ..
فتقبله هدية مني لك يا أرحم الراحمين ..
ثم انصرفت ..
ثم رجعت فجاءت بعشرة آلاف دينار ..
وقالت : يا أبا عبيد هذا مهر الجارية تجهز به وجهَّز الغزاة في سبيل الله ..
ثم انصرفت فاشترت لولدها فرساً وسلاحاً جيداً ..
فلما خرج عبد الواحد ..
خرج إبراهيم رغم صغر سنه يعدو والقراء حوله يقرأون { إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ } ..
فلما أرادت أم إبراهيم فراق ولدها ..
دفعت إليه كفناً وحنوطاً وقالت له :
أي بني إذا أردت لقاء العدو فتكفَّن بهذا الكفن وتحنَّط بهذا الحنوط وإياك ثم إياك أن يراك الله مقصراً في سبيله ..
ثم ضمته إلى صدرها ، وقبلت بين عينيه وقالت :
يا بني لا جمع الله بيني وبينك إلا بين يديه في عرصات القيامة ..
قبلت بين عينيه وضمته إلى صدرها وقالت :
يا بني لا جمع الله بيني وبينك إلا بين يديه في عرصات القيامة ..
قال عبد الواحد : فلما بلغنا بلاد العدو وبرز الناس للقتال ، برز إبراهيم في المقدمة فصال وجال ، وكرَّ وفرَّ ..
تارة في الميمنة وتارة في الميسرة فقتل من العدو خلقاً كثيراً ..
ثم اجتمعوا عليه فقتلوه ..
فلما أردنا الرجوع إلى البصرة قلت لأصحابي :
لا تخبروا أم إبراهيم بخبر ولدها ؛ حتى ألقاها بحسن العزاء لئلا تجزع فيذهب أجرها ..
قال : فلما وصلنا البصرة خرج الناس يتلقوننا وخرجت أم إبراهيم مع من خرج..
فلما أبصرتني قالت : يا أبا عبيد هل قُبلت مني هديتي فأُهنّأ ، أم ردّت عليّ فأُعزى ؟!..
فلما أبصرتني قالت : يا أبا عبيد هل قُبلت مني هديتي فأُهنّأ ، أم ردّت عليّ
فأعُزى ؟!..
فقلت لها : قد قُبلت _ والله _ هديتك ..
الآنَّ إبراهيم حيّ يُرزق مع الشهداء إن شاء الله ..
فخرَّت ساجدة لله شكراً ، وقالت :
الحمد لله ..
وقالت :
الحمد لله الذي لم يخيب ظني وتقبّل نُسكي ..
ثم انصرفت ..
فلما كان من الغد أتت إلى المسجد فقالت :
السلام عليك يا أبا عبيد ..بشراك ..بشراك ..
فقلت : لا زلت مبشرة بالخير ..
فقالت له : رأيت البارحة ولدي إبراهيم ..
رأيته في روضة حسناء ..
وعليه قبة خضراء ..
وهو على سرير من اللؤلؤ ..
وعلى رأسه تاج وإكليل وهو يقول لي :
أبشري أماه فقد قُبل المهر وزُفَّت العروس ..
أبشري أماه فقد قُبل المهر وزُفَّت العروس ..
أنه كان في البصرة نساء عابدات ..
وكانت منهنَّ أم إبراهيم الهاشمية ..
فأغار العدو على ثغر من ثغور المسلمين فانتُدب الناس للجهاد ..
فقام عبد الواحد بن زيد البصري في الناس خطيباً فحضهم على الجهاد ..
كانت أم إبراهيم هذه حاضرة في مجلسه ..
وتمادى عبد الواحد في كلامه ..
ثم وصف الحور العين وذكر ما قيل فيهنَّ وأنشد في صفة حوارء ..
غادةٌ ذات دلال ومرح
خُلقت من كل شيء حسن
زانها الله بوجه جمعت
وبعين كحلها من غنجها
ناعم تجري على صفحته
يجد الناعت فيها ما اقترح
طيب فالليت فيها مطّرح
فيه أوصاف غريبات المُلح
وبخد مسكه فيه رشح
نظرة الملك ولألاء الفرح
فهاج المجلس وماج الناس بعضهم في بعض واضطربوا ..
فوثبت أم إبراهيم من وسط الناس وقالت لعبد الواحد :
يا أبا عبيد ألست تعرف ولدي إبراهيم ورؤساء أهل البلد يخطبونه على بناتهم وأنا أضنّ به عليهم ..
فلقد والله أعجبتني هذه الجارية ..
وأنا أرضاها عروساً لولدي ..
فكرر ما ذكرت من حسنها وجمالها ..
فأخذ عبد الواحد في وصف الحوراء فأنشد ..
تولد نور النور من نور وجهها
فلو وطأت بالنعل منها على الحصى
ولو شئت عقد الخصر منها عقدته
ولو تفلت في البحر شهد رطابها
فمازج طيب الطيب من خالص العطر
لأعشبت الأقطار من غير ما قطر
كغصن من الريحان ذو ورق خضر
لطاب لأهل البرّ شرب من البحر
فاضطرب الناس أكثر مما اضطربوا ..
فوثبت أم إبراهيم وقالت لعبد الواحد :
يا أبا عبيد قد والله أعجبتني هذه الجارية ..
وأنا أرضاها عروساً لولدي ..
فهل لك أن تزوجه منها وتأخذ مهرها عشرة آلاف دينار ..
ويخرج معك إبراهيم في هذه الغزوة ..
فلعل الله يرزقه الشهادة فيكون شفيعاً لي ولأبيه يوم القيامة ..
فقال لها عبد الواحد :
لئن فعلت _ والله _ لتفوزنّ أنت وولدك وأبو ولدك ..
والله لتفوزنّ فوزاً عظيماً ..
فنادت ولدها : يا إبراهيم ..
فوثب من وسط الناس وقال لها :
لبيك يا أماه ..
فقالت : أي بني أرضيت بهذه الجارية زوجة لك ببذل مهجتك في سبيل الله وترك العود في الذنوب ..
فقال الفتى : أي والله ..أي والله يا أماه رضيت أي رضاً ..
فقالت : اللهم إني أشهدك أني زوجت ولدي هذا من هذه الجارية ..
فتقبله هدية مني لك يا أرحم الراحمين ..
ثم انصرفت ..
ثم رجعت فجاءت بعشرة آلاف دينار ..
وقالت : يا أبا عبيد هذا مهر الجارية تجهز به وجهَّز الغزاة في سبيل الله ..
ثم انصرفت فاشترت لولدها فرساً وسلاحاً جيداً ..
فلما خرج عبد الواحد ..
خرج إبراهيم رغم صغر سنه يعدو والقراء حوله يقرأون { إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ } ..
فلما أرادت أم إبراهيم فراق ولدها ..
دفعت إليه كفناً وحنوطاً وقالت له :
أي بني إذا أردت لقاء العدو فتكفَّن بهذا الكفن وتحنَّط بهذا الحنوط وإياك ثم إياك أن يراك الله مقصراً في سبيله ..
ثم ضمته إلى صدرها ، وقبلت بين عينيه وقالت :
يا بني لا جمع الله بيني وبينك إلا بين يديه في عرصات القيامة ..
قبلت بين عينيه وضمته إلى صدرها وقالت :
يا بني لا جمع الله بيني وبينك إلا بين يديه في عرصات القيامة ..
قال عبد الواحد : فلما بلغنا بلاد العدو وبرز الناس للقتال ، برز إبراهيم في المقدمة فصال وجال ، وكرَّ وفرَّ ..
تارة في الميمنة وتارة في الميسرة فقتل من العدو خلقاً كثيراً ..
ثم اجتمعوا عليه فقتلوه ..
فلما أردنا الرجوع إلى البصرة قلت لأصحابي :
لا تخبروا أم إبراهيم بخبر ولدها ؛ حتى ألقاها بحسن العزاء لئلا تجزع فيذهب أجرها ..
قال : فلما وصلنا البصرة خرج الناس يتلقوننا وخرجت أم إبراهيم مع من خرج..
فلما أبصرتني قالت : يا أبا عبيد هل قُبلت مني هديتي فأُهنّأ ، أم ردّت عليّ فأُعزى ؟!..
فلما أبصرتني قالت : يا أبا عبيد هل قُبلت مني هديتي فأُهنّأ ، أم ردّت عليّ
فأعُزى ؟!..
فقلت لها : قد قُبلت _ والله _ هديتك ..
الآنَّ إبراهيم حيّ يُرزق مع الشهداء إن شاء الله ..
فخرَّت ساجدة لله شكراً ، وقالت :
الحمد لله ..
وقالت :
الحمد لله الذي لم يخيب ظني وتقبّل نُسكي ..
ثم انصرفت ..
فلما كان من الغد أتت إلى المسجد فقالت :
السلام عليك يا أبا عبيد ..بشراك ..بشراك ..
فقلت : لا زلت مبشرة بالخير ..
فقالت له : رأيت البارحة ولدي إبراهيم ..
رأيته في روضة حسناء ..
وعليه قبة خضراء ..
وهو على سرير من اللؤلؤ ..
وعلى رأسه تاج وإكليل وهو يقول لي :
أبشري أماه فقد قُبل المهر وزُفَّت العروس ..
أبشري أماه فقد قُبل المهر وزُفَّت العروس ..